کد مطلب:355705 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:259

بطلان زعمه بأن الله أذهب الرجس عن زوجات النبی وبنی هاشم
ثالثا: وأما بالنسبة لزعمه أن الله سبحانه وتعالی أذهب الرجس عن زوجات النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) وعن بنی هاشم فجوابنا علیه هو:

1- إن القول بأن الله سبحانه وتعالی قد أذهب الرجس عن زوجات النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) وعن جمیع بنی هاشم یعنی إثبات العصمة لكل هؤلاء فالرجس فی لغة العرب هو (القذر) فیشمل كل أنواع القذرات المعنویة منها والمادیة، یقول الشیخ محی الدین بن العربی فی الباب 29 من فتوحاته: (... فإن الرجس هو القذر عند العرب) وقال الألوسی فی روح المعانی: (والرجس فی الأصل القذر... وقیل یقع علی الإثم وعلی العذاب وعلی النجاسة وعلی النقائص، والمراد هنا - أی فی آیة التطهیر - ما یعم



[ صفحه 55]



ذلك) [1] .

وقال الفیروز آبادی فی القاموس المحیط: (الرجس - بكسر -القذر، ویحرك ویفتح بالراء وتكسر الجیم، والمأثم وكل ما استقذر من العمل، والعمل المؤدی إلی العذاب، والشك والعقاب والغضب...) [2] .

فالرجس یشمل الذنب، وهو أحد مصادیقه، وعلی قوله هذا تكون زوجات النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) وجمیع بنی هاشم معصومین من الذنوب، ولا قائل بذلك من أمة محمد (صلی الله علیه وآله وسلم).

2- إن صاحبنا لم یأت بدلیل واحد یثبت به زعمه هذا أو یؤیده به وآیة التطهیر لا تصلح دلیلا عنده لذلك لأنه یدعی أن الإرادة فیها إرادة تشریعیة (إرادة محبة) ولیست إرادة تكوینیة، فما هو الدلیل یا تری الذی استند إلیه أو اعتمد علیه لیقول زاعما أن الله سبحانه وتعالی أذهب الرجس عن زوجات النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) وآل عقیل وآل جعفر وآل عباس؟!.

قال عثمان الخمیس: (خامسا: إن الله تبارك وتعالی یرید إذهاب الرجس عن كل واحد وعن كل مؤمن، ولذلك أمر النبی الإنسان إذا أراد أن یصلی أن یجتنب أماكن الوسخ، وقال الله: (وَثِیابَكَ فَطَهِّرْ) [3] وأمر بالوضوء وأمر بالاغتسال عند الجنابة). (حقبة من التاریخ 191 - 192).

أقول: مما لا شك فیه أن الله سبحانه وتعالی أراد لكل مسلم أن یطهر نفسه من جمیع الأرجاس المادیة منها والمعنویة ولیس خصوص ما



[ صفحه 56]



ذكره، وذلك من خلال امتثاله التكالیف والتوجیهات الإلهیة المتوجه إلیه الواردة ضمن الكتاب العزیز وعن طریق النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)، ومعلوم أن ذلك مراد له سبحانه وتعالی من خلال إرادته التشریعیة، أما الإرادة فی آیة التطهیر وكما أسلفنا إرادة تكوینیة، لأنه سبحانه وتعالی حصر فیها إذهاب الرجس عن خصوص المخاطبین فیها وهم أهل البیت (علیهم السلام) لمكان أداة الحصر (إنما) فما فی آیة التطهیر إخبار عن تحقق المراد لأن المراد بهذا النوع من الإرادة حتمی الوقوع والتحقق، فما ذكره فی هذا الوجه حجة علیه لا له.

الخمیس یخلط ویتخبط ویحرف فی معنی آیات القرآن الكریم

قال عثمان الخمیس: (سادسا: التطهیر لیس خاصا بعلی وفاطمة والحسن والحسین (رضی الله عنهم) بل واقع لغیرهم أیضا كما قال تعالی: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكّیهِمْ بِها) [4] وقال تعالی: (وَلَكِنْ یُریدُ لِیُطَهِّرَكُمْ وَلِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْكُمْ) [5] وقال تعالی: (وَیُنَزِّلُ عَلَیْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِیُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَیُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّیْطانِ َ)) [6] .

أقول: وفی قوله هذا یعطینا الشیخ الخمیس دلیلا آخر علی قلة فهمه وضحالة علمه، وعدم مقدرته علی فهم آیات الكتاب العزیز فیتخبط تخبطا ما بعده تخبط ویتبنی أسلوب المغالطة إلی أبعد حد فیحرف فی معنی العدید من آیات الكتاب العزیز، حیث یفسرها علی غیر معناها الصحیح، ویحاول تحمیلها من الدلالة ما لا تتحمله، إنه یأت بآیات من القرآن الكریم ورد بها بعض الألفاظ من مشتقات المصدر



[ صفحه 57]



(الطهارة) ویحاول من خلال ذلك أن یدعی بأن التطهیر لیس خاصا بأصحاب الكساء وإنما هو واقع لغیرهم أیضا ویعتبر هذه الآیات دلیلا علی هذه الدعوی.

كما یظهر من كلامه هذا أنه یظن أو یعتقد أن الشیعة یستدلون علی طهارة أصحاب الكساء من الرجس فی آیة التطهیر بقوله تعالی: (ویطهركم) وهذا خطأ فاحش جدا، فالشیعة یستدلون علی ذلك بمجموع الآیة الكریمة (إِنَّما یُریدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَكُمْ تَطْهیراً) ولیس بخصوص (ویطهركم).

وردنا علیه حول ما أورده فی هذا الوجه هو:

أن التطهیر بالمعنی المراد فی آیة التطهیر الواقع لأصحاب الكساء غیر حاصل لأحد غیرهم من هذه الأمة إلا لبقیة الأئمة التسعة من الأئمة الإثنی عشر من أهل البیت (علیهم السلام) وبأدلة خاصة لدینا، فقوله تعالی: (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكّیهِمْ بِها) لیس فیه دلالة علی أن المأخوذ منه الزكاة قد وقع وحصل له التطهیر المطلق ومن كل شیء، ولیس دفع الصدقة هو التكلیف الوحید لتطهیر المرء نفسه، فهل من یدفع الزكاة ولكنه یمارس مخالفات شرعیة من قبیل الكذب أو الغیبة مثلا أو غیرها یكون طاهرا من الرجس؟!.

إن آیة التطهیر وكما ذكرنا فیها إخبار عن تحقق التطهیر ومن كل الأرجاس للمخاطبین بها، بینما حصول التطهیر فی قوله تعالی (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكّیهِمْ بِها) مترتب وقوعه علی الالتزام بهذا التكلیف، ولا یقع إلا بذلك، ولیس تطهیرا من كل الأرجاس، فالفرق كبیر جدا بین ما تفیده آیة التطهیر وما تدل علیه هذه الآیة.

وأما بالنسبة لقوله تعالی: (وَلَكِنْ یُریدُ لِیُطَهِّرَكُمْ وَلِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ



[ صفحه 58]



عَلَیْكُمْ) والذی هو جزء من قوله تعالی: (یا أَیُّها الَّذینَ آمَنوا إِذا قُمْتُمْ إِلی الصَّلاةِ فاغْسِلوا وُجوهَكُمْ وَأَیْدِیَكُمْ إِلی الْمَرافِقِ وامْسَحوا بِرُؤوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلی الْكَعْبَیْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فاطَّهَّروا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضی أَوْ عَلی سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدوا ماءً فَتَیَمَّموا صَعیداً طَیِّباً فامْسَحوا بِوُجوهِكُمْ وَأَیْدیكُمْ مِنْهُ ما یُریدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ یُریدُ لِیُطَهِّرَكُمْ وَلِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرونَ) [7] ، فالله سبحانه وتعالی فی هذه الآیة بصدد تشریع الطهارة المائیة والترابیة من الوضوء والغسل والتیمم عند وجوب الصلاة، ثم یخبر فیها أنه إنما أراد لهم بهذا التشریع أن یطهرهم ویتم نعمته علیهم، فیكون معنی قوله: (یُریدُ لِیُطَهِّرَكُمْ) أن الهدف من جعل هذه الأحكام وتشریعها من غسل ووضوء وتیمم وطهارة هو طهارة الناس من الحدث والخبث، فلیس فیه إخبار عن تحقق هذه الطهارة، وإنما هی مرادة لله سبحانه وتعالی من خلال إرادته التشریعیة ولا تتحقق إلا بامتثال هذه التشریعات، ولا تكون طهارة مطلقة ومن كل أفراد الرجس، فلا یوجد أحد یقول بأن من امتثل هذا التكلیف المذكور فی الآیة الكریمة یكون طاهرا من كل الأرجاس.

وأما قوله تعالی: (وَیُنَزِّلُ عَلَیْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِیُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَیُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّیْطانِ َ) فلیس فیه أیضا إخبار عن طهارة أحد وبشكل مطلق ومن جمیع أفراد الرجس، فالله عز وجل فی هذه الآیة یخبر المسلمین بأنه أنزل علیهم ماء من السماء لیطهرهم به - بالماء - ومعلوم أن الماء لا یطهر الإنسان إلا من الحدث والخبث، أما الأرجاس المعنویة فلا یتم تطهیرها عن طریق الماء، فما زعمه الشیخ الخمیس من وقوع التطهیر لغیر أصحاب الكساء زعم باطل وما استشهد به من كلام الله لإثبات ذلك لیس فیه دلالة علی شیء مما أراد إثباته.



[ صفحه 59]



قال الشیخ عثمان الخمیس: (إذهاب الرجس لا یدل علی أنهم الخلفاء بعد رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، بل نحن نؤمن یقینا أن الله أذهب عن علی الرجس، ولذلك صار مولی المؤمنین وكذلك الحسن والحسین وفاطمة وكذلك زوجات النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) ولذلك سماهن أمهات المؤمنین (وأزواجه أمهاتهم) وكذلك أصحاب النبی فإن الله أذهب عنهم الرجس جمیعا بدلیل الآیات التی ذكرناها قریبا) (حقبة من التاریخ - 192).


[1] تفسير روح المعاني 22/12.

[2] القاموس المحيط 2/318.

[3] المدثر: 4.

[4] التوبة: 103.

[5] المائدة: 6.

[6] الأنفال: 11.

[7] المائدة: 6.